أولاً - جوهر الصراع التاريخي : هوية الأرض
منذ وضعت الحركة الصهيونية فلسطين هدفاً لها، قامت استراتيجيتها طويلة المدى على تنمية ثلاثة عناصر قوة أساسية ما برحت حتى يومنا الحاضر ترعاها وتعززها بكل ما تملك من عزم، وإن كانت قد أضافت عناصر قوة أخرى إليها فيما بعد. ولكن عناصر قوة المشروع الصهيوني الأولية في فلسطين بقيت:
الهجرة إلى فلسطين، وقد جاءت موجة الهجرة اليهودية الأولى إلى فلسطين عام 1882، وبدأت موجة الهجرة اليهودية الثانية حوالي عام 1895، حسب معظم المراجع التاريخية، ومنها مثلاً كتاب الدكتور عبد الوهاب الكيالي "تاريخ فلسطين الحديث" (الفصل الثاني). الهجرتان جاءتا في فترة حكم السلطان عبد الحميد الواقعة ما بين عامي 1876 و1909، وخلالها بدأ تأسيس المستعمرات اليهودية الأولى في عيون قارة (ريشون ليتسيون) وفي ملبس (بتاح تكفا) وفي زمّارين (زخرون يعقوب)، وخلالها أيضاً عادت الهجرة الصهيونية إلى الاشتداد عام 1905واستمرت حتى عام 1914. وساء الأمر بالتأكيد بعد وصول جماعة "تركيا الفتاة"، الصهيونية النزعة، إلى الحكم في عام 1908. بالرغم من ذلك، أتت الكتلة اليهودية الأساسية إلى فلسطين من أوروبا الشرقية كما هو معروف في ظل الانتداب البريطاني الذي دام في فلسطين حوالي ثلاثين عاماً انتهت عام 1948. ومن الواضح أننا نتحدث هنا عن الهجرات الكبيرة نسبياً والمنظمة، وليس عن انسياب بعض اليهود إلى فلسطين قبل الموجات البادئة عام 1882.
أما اليهود العرب، فقد هجّروا تهجيراً إلى فلسطين في بداية الخمسينات، إثر أعمال إرهابية قامت بها الحركة الصهيونية سراً ضدهم في العراق ومصر أساساً، كما اتضح فيما بعد من ما يعرف باسم فضيحة لافون في "إسرائيل" مثلاً، حول إلقاء القنابل على أماكن تجمع اليهود في القاهرة والإسكندريةً. وساهم تواطؤ الأنظمة الحاكمة آنذاك في العراق واليمن ومصر بهجرة اليهود العرب إلى فلسطين أيضاً، كما اتضح من قانون سن في 3 آذار/ مارس 1950 في ظل الحكم الملكي في العراق يسمح لكل يهودي بالهجرة بشرط التخلي عن جنسيته العراقية، تم بعده فتح مكاتب لتسجيل أسماء اليهود الراغبين بالهجرة، فلما لم يستجيبوا، بدأت النشاطات الإرهابية الصهيونية ضدهم فاستجابت حكومة الولايات المتحدة لهذا "الوضع الإنساني" بجسر جوي لنقل أكثر من مائة ألف يهودي عراقي إلى فلسطين.
وكانت مصلحة الفلسطينيين والعرب والمسلمين تقتضي، على النقيض من ذلك، بذل كل الجهود الممكنة لإبقاء اليهود، عرباً كانوا أم غير عرب، في البلاد التي أتوا منها، لا تسهيل قدومهم إلى فلسطين، لكن جرثومة العمالة عند حكام العرب بقيت تفعل فعلها حتى بعد ذلك بعقود، كما اتضح مثلاً من دور جعفر النميري حاكم السودان الأسبق في تسهيل هجرة يهود الفلاشا من أثيوبيا إلى دولة العدو في الثمانينات.
بالطبع، مع وصول الكتلة اليهودية في فلسطين إلى النقطة الحرجة critical point التي تمكنها من تصعيد مشروع التهويد في قفزة نوعية، أصبح الوجه الآخر للهجرة اليهودية إلى فلسطين هو تهجير الفلسطينيين منها بجميع الوسائل. وكان من ذلك، كما هو معروف، تهجير حوالي مليون فلسطيني عام 1948، وتهجير بضع مئات من الآلاف عام 1967، وكل تلك الإجراءات التي يتخذها الاحتلال لدفع الشعب الفلسطيني للتخلي عن أرضه. فالشعب الفلسطيني أكثر من نصفه مهجر من أرضه، ومازالت مشاريع التهجير مطروحة اليوم حتى بالنسبة للفلسطينيين المقيمين في الأراضي المحتلة عام 1948 . ولكن الهجرة اليهودية إلى فلسطين تبقى العنصر الأولي في مشروع التهويد زمنياً وديموغرافياً، والعناصر الأولية هي موضع التركيز هنا.
امتلاك الأراضي في فلسطين، شكل العنصر الثاني من عناصر استراتيجية الحركة الصهيونية لإحكام السيطرة على فلسطين. ويشار في هذا الصدد أن كل جهود الحركة الصهيونية حتى عام 1948 لم تسفر عن السيطرة على أكثر من 5,6 بالمائة من أرض فلسطين التي تزيد عن 27 ألف كيلومتر مربع بقليل، في الوقت الذي كان فيه اليهود عند إعلان الدولة الصهيونية في فلسطين حوالي 31بالمائة من السكان، وبالتالي، ليس صحيحاً القول أن الأرض بيعت بيعاً. ومرة أخرى، لا بد من الإشارة إلى أن امتلاك الحركة الصهيونية للأراضي الفلسطينية اصطدم بتمسك الفلاح العربي الفلسطيني بأرضه، ولكنه لم يصطدم بسيطرة الحكم العثماني الذي لم يتمكن من منع استيلاء الصهاينة على الأرض الفلسطينية بقدر ما لم يتمكن من منع الهجرة إليها . فالحساب بالدونمات (لا بالكيلومترات المربعة) لتوزيع الأراضي التي امتلكها اليهود في فلسطين يوم 15 أيار/مايو 1948 ، أي توزيع ال5,6 بالمائة من فلسطين الواقع تحت سيطرة اليهود بعد مجهودات عقود، هو كما يلي:
420 ألف دونم في ظل العهد العثماني، و500 ألف دونم منحتهم إياها سلطات الانتداب البريطاني، و625 ألف باعها إقطاعيون من الدول المجاورة لفلسطين، و261 ألف دونم بموجب قانون نزع الملكية وبشتى الوسائل الأخرى: كالاحتيال والابتزاز والتزوير، إضافةً إلى شراء نسبة صغيرة جداً من الفلاحين الفلسطينيين. (المصدر: القضية الفلسطينية بالرسم والكلمة، تأليف نصري الطرزي وتقديم بهجت أبو غربية، إصدار جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية في عمان عام 1997، الصفحة 55). وهنالك مصادر أخرى تضع مساحة الأراضي التي امتلكها الصهاينة في ظل الحكم العثماني عند 650 ألف دونم، أي النسبة الأكبر من أي مصدر أخر بمفرده (أنظر: الحركة الوطنية الفلسطينية أمام اليهود والصهيونية 1882 – 1948، تأليف ناجي علوش، إصدار دار الطليعة، بيروت، عام 1978، الطبعة الثانية، الصفحة 13).
المهم أن الحركة الصهيونية بالنسبة لموضوع الأرض: أ) امتلكت مواطئ قدم أساسية لها في ظل العهد العثماني، ب) لم تتمكن من السيطرة على أكثر من نسبة واحد على ثمانية عشرة (18/1) من مساحة فلسطين على مدى عقود من الجهود المكثفة والدعم الدولي ووسائل التزوير والتفوق المالي على الشعب الفلسطيني، ج) استخدمت الرقعة الصغيرة التي سيطرت عليها مع مجيء العام 1948 كقاعدة خلفية لاحتلال 78 بالمائة من مساحة فلسطين بقفزة واحدة، على الرغم من أن قرار 181 القاضي بتقسيم فلسطين عام 1947 كان قد أعطى اليهود 55 بالمائة من مساحة فلسطين فقط، أي عشرة أضعاف المساحة التي كانوا يمتلكونها فعلاً، والتي حصلوا عليها بوسائل غير مشروعة أصلاً. وهذه الاستراتيجية الصهيونية القائمة على الحصول ببطء على مواطئ قدم ليتم من ثم استخدامها كقواعد خلفية للانقضاض على الفريسة بقفزة واحدة هي ما يجب أن يفكر به الذين يسمحون للصهاينة اليوم أن يشتروا الأراضي خارج فلسطين، وأن يتغلغلوا في اقتصادياتهم.
توثيق العلاقات الدولية مع القوى الاستعمارية العظمى، شكل العنصر الثالث من عناصر المشروع الصهيوني في فلسطين. والمعروف أن المشروع الصهيوني في فلسطين ما كانت لتقوم له قائمة وما كان ليستمر حتى اليوم لولا الرعاية والدعم السخي الذين قدمتهما له القوى الاستعمارية من بريطانيا إلى الولايات المتحدة. لا بل إن بعض أجنحة الحركة الصهيونية، وبالتحديد منظمة شتيرن، اتصلت بألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية عام 1941 وعرضت عليها التعاون معها مقابل قيام دولة يهودية في فلسطين تكون خاضعة لها عندما بدأت موازين الحرب تميل لمصلحة ألمانيا. وكان التعاون الصهيوني-النازي قد أثمر بين عامي 1933 و1941 اتفاق الهافارا الذي انتقل بموجبه ستون ألف يهودي من ألمانيا إلى فلسطين حاملين معهم مقادير كبيرة من رأس المال والخبرة، لا بل إن هؤلاء اليهود الآتين من ألمانيا كانوا يشكلون عشرة بالمائة من السكان اليهود عندما قامت الدولة الصهيونية. ولولا جهود الحاج أمين الحسيني، الذي بنى علاقات جيدة مع ألمانيا النازية، لما توقف التعاون النازي-الصهيوني، ولربما تجاوبت ألمانيا مع دعوة المنظمة الصهيونية شتيرن للتعاون، حيث أن الحكومة البريطانية آنذاك كانت تضع بعض القيود المؤقتة على الهجرة اليهودية إلى فلسطين استرضاءً للرأي العام العربي خلال الحرب العالمية الثانية التي كانت تخوضها، مما أثار حفيظة بعض الصهاينة، ومنهم منظمة شتيرن.
المهم، فلنلاحظ نزوع الحركة الصهيونية إلى السعي لبناء أفضل العلاقات دائماً مع أقوى دولة استعمارية في كل حقبة تاريخية، وإلى تحويل مركز ثقلها الدولي إلى الجالية اليهودية في تلك الدولة، كما يتجلى اليوم من خلال دور الجالية اليهودية في الولايات المتحدة، دون إهمال نشاطاتها في الدول الأخرى.
ولا خلاف بين أهل الرأي حول دور القوى الاستعمارية في نشوء وبقاء الكيان الصهيوني، بيد أن الخلاف يكمن في حيثيات هذا الدور: هل ينبع من هيمنة الحركة الصهيونية على القرار السياسي في تلك الدول، أم من اعتبار الدول الاستعمارية أن الحركة الصهيونية تحقق أغراضها؟ بعبارة أخرى مثلاً، هل تسيطر الولايات المتحدة على اليهود أم اليهود على الولايات المتحدة؟ هذا هو السؤال الذي قد يختلف فيه الناس. وهو ليس الموضوع الأساسي لهذا البحث، بل يعالجه كاتب هذه السطور في موضع أخر بإمكان مستخدمي الإنترنت أن يجدوه على العنوان التالي:
http://www.freearabvoice.org/arabi/maqalat/alYahudWaLWilayatuLMuttahida.htm إذن، ما يهمنا هنا هو الإشارة إلى أهمية فلسطين بالنسبة للقوى الاستعمارية قديماً وحديثاً. والخلاصة هنا أن نجاح الحركة الصهيونية في كسب القوى الاستعمارية إلى جانبها لا ينبع من قدرات خارقة أو مواهب سحرية أو حتى من سيطرتها المادية أو المعنوية على الحكام في الدول الاستعمارية ولو وجدت أحياناً، بل من تقاطع المشروع الصهيوني مع المصالح الاستراتيجية للشرائح الحاكمة في الدول الاستعمارية. ولو كانت مصالح الحركة الصهيونية متعارضة مع مصالح الاستعمار لما تمكنت من تحقيق أي من أهدافها في فلسطين. فالحركة الصهيونية لم تنجح عن طريق "الفهلوة" بل عن طريق التركيز على ما تستطيع أن تقدمه للدول الاستعمارية في المنطقة العربية. وهذه هي النقطة المركزية التي يتجاهلها أولئك الذين يدعون اليوم إلى خطب ود الولايات المتحدة الأمريكية من أجل تحقيق ما يعتقدون أنه "أهداف وطنية فلسطينية"، ولن ينجح هؤلاء بكسب حكومة الولايات المتحدة الأمريكية إلا إذا استطاعوا أن يقنعوها بقدرتهم على خدمة مصالحها، وبالتالي بالانسجام مع المشروع الصهيوني.
لم تبدأ فكرة تأسيس الكيان الصهيوني أصلاً عند الحركة الصهيونية، بل عند الساسة البريطانيين في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وعلى رأسهم بالمرستون، الذي بدأ كوزير خارجية بريطاني ثم أصبح رئيساً للوزراء فيما بعد. وقد اعتبر هؤلاء بعد جهود محمد علي باشا التوحيدية والتحديثية في مصر، وبعد ضمه بلاد الشام والجزيرة العربية، "أن عودة الشعب اليهودي إلى فلسطين تشكل سداً منيعاً في وجه أية مخططات شريرة يعدها محمد علي باشا أو أي من يخلفه" (أنظر: تاريخ فلسطين الحديث، للدكتور عبد الوهاب الكيالي). وهناك بدأت القضية الفلسطينية ومشروع تهويد فلسطين، إي في العام 1840 على يد بالمرستون. وكان الهدف منذ ذلك التاريخ احتواء مصر وزرع حاجز بشري غريب بين الجناحين الآسيوي والأفريقي للأمة العربية، قبل نشوء الحركة الصهيونية رسمياً بعقود. وكان أن تدخلت القوى الاستعمارية آنذاك لإخراج محمد علي باشا من بلاد الشام والجزيرة العربية ولإعادتها تحت النفوذ العثماني. وكان من شروط بقاء محمد علي باشا وذريته في الحكم في مصر التوقف عن كل محاولات التحديث الصناعية والعسكرية التي قام بها، وتفكيك جيشه والمصانع التي شيدها. وبذلك ارتبطت منذ ذلك التاريخ في الوطن العربي ثلاث عمليات تاريخية: عملية الوحدة، وعملية التصنيع والتحديث، وعملية التخلص من قوى الهيمنة الخارجية والاحتلال، ارتباطاً وثيقاً لا يقبل الفكاك.
إذن مشروع تهويد فلسطين هو مشروع طرحته بريطانيا أساساً لاحتواء مصر، لكنه اكتسب أبعاداً أكبر فيما بعد، تصب في هدف تحقيق هيمنة بريطانيا على طرق التجارة العالمية ومنع قيام كتلة عربية موحدة تنافسها في هذا الجزء من العالم. ولا نستطيع فهم طبيعة الصراع في فلسطين دون رؤية هذا البعد التاريخي.
كما أن ما حدث بعد ذلك عزز قناعة بريطانيا والقوى الاستعمارية من بعدها بضرورة تهويد فلسطين. فالدولة العثمانية كانت تقاوم التمدد القيصري الروسي نحو البحر المتوسط ودول المشرق العربي ولذلك كانت تسعى بريطانيا للحفاظ على وجودها طوال القرن التاسع عشر في وجه محمد علي باشا أو غيره. ولكن مع فتح قناة السويس بجهود وتضحيات المصريين عام 1869، ازدادت أهمية موقع فلسطين الجغرافي.
ومع تحول التنافس البريطاني مع روسيا إلى تنافس مع ألمانيا الصاعدة في بدايات القرن العشرين، ومع توقيع الاتفاق الروسي-البريطاني عام 1907، بدأت الدولة العثمانية تفقد الكثير من أهميتها بالنسبة لبريطانيا. لذلك كان الاتفاق الروسي-البريطاني بداية النهاية للدولة العثمانية، فكانت تلك الفرصة التاريخية التي سمحت أن تستلم "تركيا الفتاة" السلطة في الدولة العثمانية عام 1908، وأن تقدم بريطانيا الدعم للثورات على الأتراك بعد ذلك، ولكن على أساس برنامج غير معلن يهدف إلى تفكيك المشرق العربي وإنشاء دولة يهودية في فلسطين. ومرة أخرى يتجلى هنا ترابط قضية الوحدة مع قضيتي التحرر من الاستعمار والتقدم الاقتصادي.
حتى ذلك الوقت، كانت بريطانيا تحصل على معظم نفطها من الولايات المتحدة، ولكن اكتشاف الثروة النفطية في الوطن العربي، ووصول البلاشفة إلى الحكم في روسيا، زاد من أهمية منطقتنا الاستراتيجية. كما إن وقوع معظم العالم في ذلك الوقت تحت هيمنة هذه القوة الاستعمارية أو تلك، ترك الأراضي التي كانت تسيطر عليها الدولة العثمانية واحدة من الأماكن القليلة في العالم القابلة للاقتسام الاستعماري. ثم نشأت الحاجة إلى استبدال الاستعمار القديم المباشر باستعمار جديد، وهو الأمر الذي كان يقتضي خروج البريطانيين من مصر بعد احتلالهم إياها عام 1882. كل ذلك جعل الحاجة إلى خلق نظام إقليمي يحافظ على المصالح الاستعمارية في هذا الجزء من العالم حاجة ملحة، ليس لبريطانيا فحسب، بل لكل القوى الاستعمارية التي أعقبتها، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. وكان هذا النظام الإقليمي وما زال يقوم على دعامتين: التجزئة القطرية في الوطن العربي من جهة، والكيان الصهيوني في فلسطين من جهة أخرى.
وما زال مشروع تجزئة العرب وتفكيكهم، ومن ثم، تفكيك التفكيك وتجزئة التجزئة، التتمة المنطقية لترابط المصالح الصهيونية والاستعمارية في المنطقة العربية. وقد عاد مشروع التفكيك إلى الظهور بقوة في سياسة إدارة بوش الابن، ومن ذلك مشاريع تقسيم العراق وتفكيك مصر والسعودية التي ظهرت بقوة في وسائل الإعلام خلال التهيئة للعدوان على العراق. وهنا يجب أن نميز ما بين بعدين: 1) البعد التاريخي الذي يعكس ترابط المصالح الصهيونية والاستعمارية في المنطقة العربية على مدى قرن، مع وجود بعض التعارضات الجزئية هنا وهناك، كما حدث مثلاً عندما أعاقت بريطانيا مؤقتاً الهجرة اليهودية إلى فلسطين خلال الحرب العالمية الثانية، و2) البعد السياسي الآني الذي ينعكس اليوم مثلاً في الولايات المتحدة في تحالف اللوبي اليهودي واليمين المسيحي وصقور المحافظين في الإدارة الأمريكية وشركات النفط والسلاح الأمريكية تحت لواء بوش الابن. وفي الحالتين، تبقى المصالح الصهيونية والاستعمارية مترابطة على أية حال.